في بداية موضوعنا لهذا اليوم أودّ ان اذكر مقولةً اعجبتني وأثرت فيّ كثيراً:
إن الطفل في اللعب يعيش،لا نستطيع رؤية طفل دون ان يتحرك،يكتشف ،يجعل من اي اداة بين يديه لعبة يلهو بها،اما الطفل الذي تراه هادئاً لفترةً طويلة بالتأكيد لديه مشكلة ما.
اغلب صراخ الأمهات والشكوى بسبب لعب اطفالهم ،وتتكرر كلمات الشكوى والتأفف منهن:ابني مشاغب….ابنتي فوضوية….أولادي يقلبون البيت رأساً على عقب،بسبب هذه المشاكل وغيرها يصبح لدى الأهالي عقدة من لعب اطفالهم ،متناسين ان اللعب كان جوهر طفولتهم،معتقدين ان اللعب مضيعةً للوقت
اللعب في الطفولة المبكرة حاجة أساسية من حاجات الطفل،بل هو ضرورة من ضرورات حياته مثل الاكل والنوم والنظافة،كما أن الطفل يتعلم أموراً كثيرةمن خلال أدوات اللعب المختلفةكالأشكال والالوان والأطوال لأن الطفل حين يلعب يبتكر…يبدع….ويكتشف أشياء جديدة
سنذكر آثار اللعب المختلفة لدى الطفل:
-دور اللعب في تنمية الحواس:إن الألعاب والنشاطات المختلفة التي يمارسها الأطفال بشكل جماعي وفي مرحلة مبكرة تتيح فرصة كبيرة للمشاركة الجماعية وتكوين علاقات واسعة مع الاخرين،والى جانب غنى النشاطات الجماعية بالمؤثرات التربوية،فإن لهذه النشاطات المنظمة والهادفة دور كبير في تنمية الحواس المختلفة الى الدرجة التي تجعلها تقوم بوظائفها على اكمل وجه ،والتركيز على النشاطات التي تنمي الجانب السمعي والبصري لدى الطفل في الطفولة المبكرة،لما له من أثر إيجابي في تعلم القراءة ،مثلاً كأن يعرض المربي امام الطفل مجموعة من الرسوم المتشابهة،ثم يطلب منه الاشارةالى الرسوم المختلفة،أو الى المواضيع المتشابهة في الحجم،أو الى الأكبر والأصغر ،هناك الكثير من النشاطات المسلية والتي من شأنها تنمية حواس الطفل
دور اللعب في النمو العقلي:اللعب هو الرافد الذي تتسرب بواسطته المعرفة الى الطفل،حيث يكتشف من خلاله الكثير عن نفسه،وعن العالم الذي يعيش فيه،وبه يتعلم كيف يسيطر على بيئته ويسخرها لمصلحته،كما انه عن طريق اللعب يتمكن من تطوير ذاكرته وتفكيره وخياله،وتزداد قدرته على الحديث والمشاركة،فقد تتكشف خصائص شخصية الطفل وميوله وقدراته ورغباته لتنمو وترتقي من خلال النشاطات والسلوكيات المختلفة التي يمارسها،فاللعب يؤدي دوراً أساسيا في بناءشخصية الطفل من الناحية الجسدية والفيزيولوجية فيساعد الطفل على تنمية عضلاته بشكل سليم،وترويض كل أعضاء جسمه بشكل فعال.
دور اللعب في النمو الاجتماعي والإخلاقي:يجعل اللعب الطفل يتصل بالآخرين مباشرةً،ويشاركهم افكارهم مما يوسع خبراته ويتعرف على أدواره ،وينمي علاقاته ومهاراته الاجتماعية،كما ينمي بعض المعايير الخلقية كالأمانة والصدق وضبط النفس والمبادرة وروح التعاون،حيث يتعلم الطفل خلال اللعب بدايات مفاهيم الخطأ والصواب،إذ يمكننا القول ان اللعب هو مدرسة غير رسمية للعلاقات الاجتماعية،فالبيت يزود الطفل بالامان ،بينما يزوده اللعب بالتدريب ويوسع خبرته في بناء العلاقات غير المتوفرة في البيت،وهذا يتطلب منه تطوير مقدرته على الاستجابة لمختلف نماذج العلاقات الاجتماعية ،فهو يتعلم مشاركة الآخرين مواقفهم وهذه مهارات أساسية في التفاعل الاجتماعي المؤثرة لدى البالغ
لأنه من خلال اللعب يتمثل الطفل عادات المجتمع وتقاليده،ومعاييره وأحكامه. من خلال تقمصه ادوار الكبار ومحاكماتهم في افعالهم،فكأن اللعب جواز سفر الطفل الى عالم الكبار،ومن ثم يبدأ يتعرف هذا العالم ويكتشف شكل العلاقات الاجتماعية المتشابكة.
دور اللعب في النمو العاطفي:
يبدأ التعبير الانفعالي عند الطفل منذ الأشهر الاولى،ويأخذ بالوضوح تدريجياً حيث تاخذ الخبرة بتشكيله عن طريق المحاكاة والتفاعل مع المجتمع المحيط به،نجد ان الاطفال في مراحل طفولتهم الاولى لديهم تشتت وعدم وضوح في مشاعرهم وانفعالاتهم،ليأتي دور اللعب هنا فيكون هو صمّام الأمان لعواطفه وانفعالاته،وهو أفضل وسيلة للتعبير الواضح عمّا يشعر به،لانه لا يستطيع الإفصاح عنهابالكلام،فإذا راقبنا الطفل اثناءلعبه مع الدمى والاسلوب الذي يخاطب فيه العابه لاكتشفنا الشيء الكثير عن عالمه الداخلي الذي ربما يخجل عن الإفصاح به.
في نهاية موضوعنا اريد توجيه كلمة خاصة للأمهات:اتركوا اولادكم يلعبو بحرية في الوقت المخصص للعب،ولا بأس من بعض الفوضوية في البيت اثناء اللعب ،لان هامش الحرية هذا ربما يجعل من طفلك قائداً ناجحاً ومفيداً في المستقبل،