قسوة الوالدين على الابناء أمر خطير أم أمر محبب ؟ هل يجب أن نقسوا على فلدات أكبادنا ليصبحوا رجالا ام هذا خطأ ؟
يعتبر الوالدين ركيزتين أساسيتين في تكوين شخصية الطفل فهناك من يلجأ الى تربية عنيفة مليئة بالضرب و القسوة و هناك من يعتمد على تربية حميدة حديثة تحث على رفع مكانة الطفل في المجتمع.
في هذه المقالة سنتحدث عن الجزء الأول من الجملة و سنضرب لكم موعدا في القريب العاجل لنتحدث عن الجزء الثاني. كلنا نسمع بعقوق الطفل لوالديه فهل يعقل ان يوجد بعقوق الوالدين لأطفالهم و كيف تنعكس هذه التصرفات على شخصية الطفل.
فهرس المقال :
ماهي مظاهر قسوة الوالدين على ابنائهم ؟
خير من نفتتح به هذا الموضوع هو رسول الله و خاتم الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة و السلام حيث تقدم اليه شخص قائلا “عندي عشرة من الولد ما قبلت منهم واحدًا” فأجابه رسول الله ” من لا يرحم لا يُرحم ” و في روايات أخرى قائلا ” أوَ أملك إن كان الله قد نزع من قلبك الرحمة “.
رغم اختلاف الكلمات الا أن المعنى واحد لا يتغير ألا و هي قيمة الرحمة بالأطفال. فالقسوة هي أسوء أساليب التربية يلجأ اليها الآباء ظنا أنها تسوي سلوك ابناءهم و تأدبهم و على عكس المتوقع فان القسوة تنمي الخوف و الاضطراب النفسي عند الأطفال.
و للقسوة أشكال متعددة منها الجسدية كالضرب و منها اللفظية كالسب و الشتم و الاهانة أمام الأخرين و منها مقارنته مع غيره من الأطفال بغية التقليل من قيمته بالإضافة الى اجبار الأبناء على قرارات قد تكون ظالمة في حقهم.
ففي عهد الرسول صلى الله عليه و سلم جاءت امرأة تشكو الى رسول الله أن أباها يريد ان يزوجها دون رضاها فأقر رسول الله أن هذا الجواز ليس جائزا فلما رأت المرأة أن رسول الله أوقف الأمر لرضاها وافقت حيث قامت بهذا التصرف فقط لتظهر قيمتها و تثبت أن موافقتها هو حق شرعي و لا يمكن التنازل عليه .
و يمكن أن نذكر قسوة غير مباشرة ألا و هي التفرقة بين الأطفال حيث يرفع الآباء من قيمة ابن دون الأخر.
اضرار قسوة الوالدين على أبنائهم
للقسوة أضرار عديدة و جسيمة أولها زرع مشاعر الكراهية و الانتقام لدى الطفل و بالتالي تبدد الشعور بالأمان و الاطمئنان وسط الأسرة و الذي قد ينتقل مباشرة الى المجتمع مسهما في بناء شخصية ضعيفة غير قادرة على التأثير وسط المجموعة.
ثانيا، اكتساب العدوانية التي تنتقل خلال الضرب أو السب حيث تؤدي للانحراف السلوكي سواء بالتدخين أو تعاطي المخدرات أو حتى للحبوب المهلوسة و بالتالي اللجوء الى عالم الجريمة في سن البلوغ و ذلك لإثبات الذات أمام الجميع.
ثالثا، يتعود الطفل على الكذب لتجنب العقاب مما يؤدي الى فقدان احترام الذات و عدم اعطاء قيمة لنفسه.
رابعا، تنقل السلوك العدواني للطفل الى سلوك عادي و اعتباره حلا لأي مشكل والاعتماد عليه هو أيضا في تربية أنباءه و بالتالي تفشي هذا الفيروس في المجتمع الحاضر و المستقبل.
أخيرا يعاني أيضا الأباء القاسين في تعاملهم من ظاهرة هروب الأطفال من المنزل حيث لا يقدر الطفل على مواجهة أبيه خائفا من التعنيف و يلجأ الى الابتعاد حتى و ان كان في سبيل استقراره في منزل محدد.
هل قسوة الوالدين على اطفالهم امر طبيعي ؟
و على عكس ما قيل ان المشاعر بين الآباء و الأبناء هي مشاعر غريزية فطرية تقوم في الأساس على الحب و المودة و الرحمة.
هناك أساليب متعددة لعقاب الطفل بطريقة تنمى شخصيته و تجعله يعرف الخطأ الذي ارتكبه و تصحيحه في المرة القادمة.
في هذا النطاق علينا أن نتحدث أيضا على أسلوب الحوار مع الأبناء واعطاءه قيمة وسط الأسرة حيث ينصب كل هذا ايجابا على شخصية الطفل و أيضا على تعزيز مكانة الأب و الأم.
حيث يجب على الأباء ان يفسحوا مجال لأبنائهم للاستماع و المناقشة بدلا من التعنيف مع كل خطأ يرتكبه الطفل.
ان الآباء يتحملون مسؤولية أبناءهم فان لم يقوما بدورهما على أكمل وجه يعتبر ذلك تقصيرا في حق الطفل.
فان قسى الوالدين انحرف الطفل و ان انحرف واجه والديه بالعقوق ، حيث قال رسول الله عليه أفضل الصلاة و السلام ” كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالأمِيرُ الذي علَى النَّاسِ راعٍ، وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، وهو مَسْؤُولٌ عنْهمْ، والْمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ بَعْلِها ووَلَدِهِ، وهي مَسْؤُولَةٌ عنْهم” .
لختام هذا الموضوع أقتنص هذا المنبر لتوجيه رسالة نبيلة لأباءنا فكل ما قيل هو حقيقة و رواسبها تلاحظ في جيلنا الحالي و الحل الوحيد لعلاج هذه الظاهرة هو الاستناد على ديننا الجليل الذي يحث على الرحمة و التقدير و الاحترام فعلى كل قارئ ان يبدأ مشروعه من ذاته و يصلح من عائلته لإنتاج جيل خال من الاضطرابات النفسية.
إننا لا نشكك في حب الأب لابنه لكن الافراط في بعض الأمور السلبية دون يؤدي مشاكل ملموسة في الواقع المعاش و لهذا انهي مقالتي بالحث على تجنب القسوة و اتباع طريق اللين و اليسر.